أخر الأخبار

قسوم:ليس من إختصاص بوكروح أن يفتي في الصيام

علَق رئيس جمعية العلماء المسلمين، عبد الرزاق قسوم، على الخرجة الأخيرة، للسياسي والوزير السابق، نور الدين بوكروح، حول فكرة “تعليق فريضة الصيام هذا العام مخافة إصابة الناس بفيروس كورونا”، مؤكدا بأن الأستاذ بوكروح ليس من إختصاصه أن يفتى في هكذا مسائل فقهية، فهو ليس بطبيب ولا فقيه للحديث على هذا الموضوع”.

وفي سياق أخر، أبدى قسوم في حوار مطول مع “الوطن برس”، بعضا من التحفظات حول القرارات الأخيرة لوزارة الشؤون الدينية ولجنة الفتوى، على غرار تعليق الصلاة في المساجد بسبب جائحة كورونا، فضلا عن “ترخيص الفتوى” التي إنتقدها قسوم بشكل ضمني، معيبا عدم توسيع الاستشارات حول هذه القضية الجوهرية.

وحول استمرار غلق المساجد بسبب فيروس كورونا القاتل، وهو ما سيفوت على الجزائريين، أداء صلاة التراويح في المساجد مثلما هو معتاد، قال رئيس جمعية المسلمين الجزائريين، أنه يستوجب علينا أن نتأقلم مع الواقع الراهن، والذي يتطلب منا أن نقي أنفسنا ونقي غيرنا، ونصلي في البيت إذا استمرت هذه الجائحة في الوجود بيننا .

إعتاد الجزائريون على القيام بصلاة التراويح في المساجد مع قدوم كل شهر رمضان، لكن هذا العام اقترن قدوم شهر الصيام بوجود “جائحة خطيرة” قد يتعذر عليهم الصلاة في بيوت الله “المغلقة” ..كيف تعلقون وماهو البديل في نظركم؟

لكل حادثة حديث كما يقولون، فنحن الجزائريون على غرار الشعوب الإسلامية، متعودون على صلاة التراويح في المساجد وخلف إمام وبصوت شجي وما الى ذلك من هذه السلوكيات وهذا كله جزء من شهر الصيام، لكن هذا العام حدث ما لم يكن بالحسبان، وهي وجود هذه النازلة أو الجائحة التي حلت بالإنسانية جمعاء، فينبغي أيضا أن نتأقلم مع الواقع الجديد، والذي يتطلب منا أن نقي أنفسنا ونقي غيرنا.

فيمكن أن نجتمع في البيت ونقوم بصلاة التراويح، في اعتقادي رب ضرة نافعة فيمكن أن تكون هذه الجائحة سببا في ان يؤدي الانسان صلاة التراويح في المنزل والتي لها أيضا مزاياها وفضائلها، على غرار اجتماع العائلة على كتاب الله وتدارسه، وعلى الصلاة والدعاء وهذا مهم جدا، ونحن نتمنى ان نتجاوز هذا الوضع الراهن الذين نعيشه في خضم هذا الوباء، ونفتح كل المجالات وبالتالي نفتح المساجد للناس لصلاة التراويح، أما اذا بقي الامر على حاله فيستحسن الوقاية خير من العلاج.

خلَف السياسي والوزير السابق، نورالدين بوكروح مؤخرا، جدلا واسعا من خلال مقاله الأخير الذي يتمحور حول فكرة “تعليق الصيام في رمضان لكيلا يكون عرضة للإصابة بفيروس كورونا”.. كيف ترون هذا الأمر ؟

أنا احترم الأستاذ نورالدين بوكروح، من الناحية السياسية، فهو شخصية سياسية لها وزنها وثقلها، ونحترمه كثيرا لأنه يقول بأنه ينتمي الى المفكر الجزائري مالك بن نبي، لكن هذا الانتماء لمالك بن نبي والسياسة، لا يجعله طبيبا او فقيها، وهذه القضية التي بين أيدينا والتي طرحها يحكمها الأطباء والفقهاء، فالأطباء مثلا هم الذين يقولان هل حقيقة ان الصيام يؤثر على الانسان ام لا، فانا مثلا اطلعت على أراء أطباء قالو العكس، أي أن الصيام يقوي مناعة الانسان، ويحفظه من هذا الفيروس، هذا من جهة من جهة أخرى، فالفقهاء هم الذين يدلون بالفتوى .

فهو أي بوكروح اذا كان لديه وجهة نظر فقهية جديدة يبعث بها الى هيئة فقهية معينة، ويطلب تعليقا عليها هذه القضية، أما أن يفتي هو نفسه في الطب والفقه فهو ليس مختصا في كلا العلمين .

أبديتم من خلال قرار تعليق “الصلاة في المساجد”، بعضا من “التحفظ” حسبما إطلعنا عليه في وسائل الاعلام، هل لازلتم أستاذ قسوم متحفظون على هذا القرار بالرغم من ارتفاع وتيرة انتشار فيروس كورونا بين الجزائريين؟

أنا أتفق مع القرار في المضمون وأختلف معه الشكل، فنحن مع مضمون اتخاذ الإجراءات اللازمة من اجل حماية الساجد ولو بغلق المساجد، لكن كنت أتمنى ألا يعمم تعليق الصلاة في المساجد، بل يتم تقيدها في الولايات التي تعاني من هذا الوباء، وندع للمسؤولين المحليين القائمين على شأن الناس، اتخاذ قرار متى يمكن اغلاق المساجد إذا دعت الحاجة الى ذلك.

هذا بالنسبة للنقطة الأولى، أما النقطة الثانية، كنا نود تنظيم خطبة جمعة من أي مسجد لم تمس تلك الولاية باي وباء، وتنقل الخطبة الى التلفزيون والناس في بيوتهم يستفيدون من خطبة الجمعة، التي تكون موحدة وجامعة، وتتناول القضايا الحالية السائدة، منها توعية الناس بالوقاية، وحثهم على النظافة وغيرها من الارشادات والنصائح الدينية.

وتبقى الصلاة طبعا خلف التلفزيون ذات معنى خلافي فقهي ندعه لأهل الاختصاص من الفقهاء هم الذين يبتون فيها.

أما النقطة الثالثة في الإجابة على سؤالكم، فنحن نؤيد هذا القرار مضمونا كما قلت سلفا، باعتبار أن المساجد غير مؤهلة، للاستجابة لوسائل الحماية الوقاية من فيروس كورونا، وهذا من شأنه ان يعرض حياة المصلين الى الوباء.

هناك بعض الأصوات إنتقدت بشدة هذا القرار وهي محسوبة على “الشخصيات الدينية” بالجزائر بالرغم من خطورة الوضع ما هو تعلقكم؟  

أنا أختلف مع هؤلاء الناس، لأنهم لا يملكون بديلا يقترحونه في ظل هذه الجائحة بعد قرار تعليق المساجد، وإذا كان في رأيهم ان غلق المساجد قرار خاطئ اين هو الصواب في رأيهم؟

فالجمعية مثلا لما تحفظت شكلا مع القرار قدمت عدة بدائل، لكن مثل هؤلاء لم يقدموا أي بديل لتعويض القرار وبالتالي أنا اختلف معهم فيما ذهبوا اليه بعدم غلق المساجد.

من جملة القرارات التي صدرت في الآونة الأخيرة من وزارة الشؤون الدينية، قرار منع ” التصريح بفتوى” إلا بترخيص من الوزارة كيف ترون هذا القرار الذي يراه البعض إيجابيا من حيث أنه يخدم مصلحة “المرجعية الدينية الوطنية”؟

هذا نعتبره خطأ من حيث المنهج وصحيح من حيث الغاية، لأنه ليس كل من يحمل ثقافة دينية صالح لكي يقوم بالفتوى للناس، حتى وان كان اماما، لان الفتوى تتطلب الاطلاع على المذاهب المختلفة وامهات الكتب، وعلى فقه الواقع.

وبالتالي كنت أتمنى ان توضع ضوابط في هذه الفتوى، فمثلا ان يكون الذي يفتى يحمل شهادة علمية في الشريعة، مشهود له بالعلم، ان تؤيده هيئة علمية معترف بها، ثم لا يكون القائمة محددة، لأنها تحتوى على المفتيين ليسوا متضلعين في الفقه، وبالتالي لا يحق لهم أن يقدموا فتاوى للناس، لكن الوزارة وضعتهم في القائمة.

كنت أتمنى ان تجتمع هيئة مخولة لذلك على غرار وزارة الشؤون الدينية، المجلس الإسلامي الأعلى، جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وبعض العلماء المستقلين والمشهود لهم بالعلم الشرعي في المسائل الفقهية، يجتمعون ويحددون الضوابط التي بموجبها يحق لأي رجل دين بالفتوى من عدمها.

لان الإسلام ليس كالنصرانية او بعض الأديان، فهو حق مشاع للجميع، والعلماء يحق لهم الفتوى لكن يستوجب ان يكون هؤلاء علماء بحق أي نضع لهم الضوابط التي تؤهلهم من اجل الفتوى.

أجازت وزارة الشؤون الدينية اخراج زكاة المال مسبقا من أجل مواجهة فيروس كورونا القاتل، كيف تعلقون في جمعية العلماء المسلمين على هذه الفتوى؟

الزكاة قضية فقهية، يعني مادام هناك استثناءات، فاعتقد ان الوزارة استندت الى فتاوى فقهية لإصدار هذه الفتوى بجواز اخراج المال مسبقا لمواجهة فيروس كورونا القاتل، ومادامت الحاجة الى تقديم المساعدات للناس، ففقهيا فانا لا أفتى في هذا الموضوع سواء بالإيجاب او بالسلب.

كيف تقييم حصيلة التبرعات التي قدمتها جمعية العلماء المسلمين من خلال مكاتبها عبر ولايات الوطن، في ظل جائحة كورونا؟

حصيلة التبرعات لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، في ظل هذه الجائحة إيجابية جدا، فقد استطعنا ان نعبئ كل الشعب التي تنتمي الى الجمعية في مختلف الولايات، واستطعنا ان نقدم العتاد الطبي من جهة، والمواد الغذائية والكساء والاغطية من جهة ثانية، وهذا شمل مسشفى بسطيف، مستشفيان في البليدة على غرار فرانز فانون وبوفاريك في البليدة، مستشفى تيزي وزو، مستشفى القبة، مستشفى مصطفى باشا، وبني مسوس، ونأمل أن تمتد هذه التبرعات الى مستشفيات قادمة في المستقبل.

اما بالنسبة للمواد الغذائية فقد شملت عدة ولايات من الوطن، على سبيل المثال لا الحصر فولاية البرج وحدها قدمت حوالي 4 ملايير سنتيم من المواد الغذائية والعتاد الطبي للأشخاص المحتاجين، وهذا بفضل تبرعات المحسنين الذين تقدموا بمبالغ ضخمة من اجل إنجاح عملية التبرع التي قامت بها شُعب الجمعية على المستوى الوطني، على غرار بنك السلام، ورجال الاعمال الذين قدموا العتاد والمال للمساهمة في مواجهة هذا الفيروس عن طريق الجمعية.

قدمت عدة شخصيات داخل الدولة وخارجها بتبرعات بشهر من رواتبها من أجل المساهمة في مكافحة فيروس كورونا، هل الأستاذ ساهم الأستاذ قسوم هو أيضا في هذه الحملة التبرعية؟

نحن نثمن هذه المبادرة التبرعية لمواجهة فيروس كورونا، وأنا شخصيا لم انتظر هذه المبادرة حتى أساهم من جهتي بل قدمنا المساعدات للذين يستحقونها، ولا نمن على أحد في هذا المقام ولا نعلن عنها في وسائل الاعلام، بل نبتغي بها وجه الله سبحانه وتعالي.

ماهي بعض النصائح والارشادات التي تقدمها لبعض الجزائريين الذين لا يلتزون من بالحجر الصحي رغم خطورة الوضع العام؟

على الجزائريين الذين يستهزؤون بهذه الإجراءات أن يعرفوا أن الحجر الصحي واجب ديني لان الله سبحانه وتعالي يدعونا الى رعاية النفس، من خلال الآية الكريمة “ولا تلقوا بأنفسكم الى التهلكة”، فلاحظ رحمة الإسلام أنه لا يرضى من أكل الثوم لتوجه الى المسجد من أجل الصلاة، لأنه يمكن أن يؤذي الناس برائحته، فمبال شخص يحمل فيروس قاتل ويدخل به الى المسجد، وبالتالي الالتزام بعدم اذية الناس هو واجب ديني.

أما من ناحية أخرى فإن الالتزام بالحجر الصحي المنزلي، هو واجب وطني، لأن التعليمات الوطنية واضحة من أجل الاعتزال إلا للضرورة القصوى حتى يحمي الانسان نفسه والاخرين أيضا، ينبغي أن نستجيب له.

أما من الناحية الأخلاقية فعلى الانسان أن لا يؤذي اخاه الانسان، لأنه من حسن الخلق فعل هذا، وهذا من خلال الالتزام بعدة سلوكيات في هذه الجائحة الخطيرة على غرار عدم المصافحة والمعانقة، والحفاظ على مسافة الأمان بين شخص وأخر حتى نتجنب انتشار الفيروس وبالتالي حماية الجميع من هذا الخطر الداهم.

كسؤال أخير كيف يقضي أستاذ قسوم يومياته في الحجر المنزلي ؟

نظرا لكثافة الالتزامات التي كنا كنت أقوم قبل قدوم جائحة كورونا، لم أستطع أن أنجز مجموعة من المقدمات لبعض الكتب ذات التوجه الديني والأكاديمي، سواء من زملاء في الجزائر او خارجها، حيث أرجأت العديد منها نظرا لضيق الوقت، الا أن الحجر الصحي منح لي الفرصة لكي أقوم بالأعمال التي أجلتها لعدة مرات لضيق الوقت، بعدما أتفرغ في تقديم الدروس عن بعد لطلبتي الجامعيين حسب ما قرار وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وغيرها من المهام العلمية والإعلامية التي أقوم بها في هذا الحجر المنزلي.

نترك لك مسك الختام ..كلمة لمتابعي”الوطن برس”؟

نشكر القائمين على هذه الوسيلة الإعلامية التي نرى فيها الجدية من خلال نقل المعلومة الحقيقية وتوعية المجتمع خاصة في هذه الظروف الصحية الصعبة التي تمر بها الجزائر بسبب فيروس كورونا القاتل.

حاوره : ر.ك 

الوسوم
اظهر المزيد

ربيع كاتب

صحفي مهتم بالشؤون السياسية والثقافية والدولية في جريدة الوطن برس .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عشرين − خمسة =

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق