كورونا..الحراك الشعبي والسلطة: حيرة الهدنة المؤقتة وهاجس الاستمرارية؟

بعد الرعب الذي خلفه فيروس كورونا في العالم، وتسجيل حالتي وفاة في الجزائر، وإصابة 26 أخرين، مما فرض على السلطات العليا في البلاد، تعليق الدراسة في كل المدراس والجامعات، والمعاهد عبر الوطن، درء لمخاطر انتشار الفيروس، انقسم الحراكيون بدورهم، بين مؤيد لاستمرار المسيرات السلمية ضد السلطة القائمة، وبين معارض لهذه المظاهرات الشعبية في كل يوم جمعة وسبت، وثلاثاء حفاظا على صحة المشاركين، وتأجيل مسيراتهم الى غاية إيجاد حلول للفيروس القاتل الذي وضع “دولا كاملة” تحت الحجر الصحي، وخلف ألاف الضحايا عبر العالم.

دعا العقلاء المشاركين في الحراك السلمي، والمؤيدين له، إلى تأجيل مسيرات اليوم الجمعة ويوم، السبت والثلاثاء بالنسبة للطلبة، إلى تأجيل المظاهرات “مؤقتا”، والبقاء في منازلهم، كإجراء احترازي، للوقاية من إنتشار فيروس كورونا المستجد، والذي خلف الى حد الساعة ضحيتين في الجزائر، و26 حالة في ولاية البليدة.

على العقلاء تعليق الحراك الشعبي مؤقتا

 وقال في هذا الصدد الإعلامي والمحلل السياسي محمد باشوش” أقولها صراحة، دون لف ولا دوران على العقلاء من داخل الحراك أن يدعوا إلى تعليق الحراك وتأجيل الخروج يوم الجمعة والثلاثاء بسبب كورونا.

ورغم أن دعوة “باشوش” عبر صفحته على الفاسبوك، لقيت استهجانا من بعض الحراكيين “الراديكاليين”، حيث اعتبروا اقتراحه بمثابة ضربة قاصمة لفكرة استمرارية الحراك، الا أن الإعلامي والكاتب عبد العزيز بوباكير، ذهب في منحى ما ذهب اليه محمد باشوش كاتبا في صفحته على الفاسبوك:” بسبب انتشار جائحة الكورونا أدعو باسمي الخاص إلى هدنة محدودة عن طريق التفاوض لنشاطات الحراك، موضحا بانها ” ستكون هدنة، وليس استسلاما، والهدنة موجدة في كل تاريخ البشرية وكانت تسمى في القرون الوسطى الهدنة الإلهية”.

وقال صاحب، بوتفليقة ..رجل القدر، أن هذا التعليق المؤقت “سيكون بالنسبة للحراك هدنة مع الذات للتفكير والتأمل فيما هو قادم من أيام، وبالنسبة للسلطة فرصة للتراجع عن غيها وبغيها” على حد قوله !.

بدوره قال الكاتب والاعلامي، عبد الرزاق بوكبة عبر صفحته على الفايسبوك “الحراك مسار وليس مسيرةً فقط، ومنطق المسار يفرض التوقف أحيانا للتأمل. الاستراحة. التخطيط. المراجعة (لا التّراجع). الوقاية. الوقاية”.

نعم لمسيرات الحرية ..نعم للإجراءات الوقائية

 أما الدكتور في علم الاجتماع، ناصر جابي فيبدو أنه مسك العصى من الوسط، ورفض توقيف الحراك كاتبا في منشور له عبر صفحته عبر الفاسبوك، “نعم لاتخاذ الاحترازات الفردية والجماعية ضد الكورونا، ونعم لمسيرات الحرية “.

وفضل البعض على غرار الطبيب عصام شيبان، أن يسدي بعض النصائح للحراكيين بعدما حذر من الوباء الخطير والقاتل قائلا: “أسمح لنفسي أن أعبر عن رأيي دون فرض أي شيء عليك،” فواجبي كطبيب ومشاركتي غير المشروطة في الحراك يجبرني على المساهمة في تنظيم ثورة الابتسامة لدينا”.

وكتب شريط عبر صفحته على الفاسبوك “إننا نواجه وباءً خطيراً يُعرض للخطر أكثر الفئات ضعفاً بيننا”.

ورغم عدم مطالبته الحراكيين للبقاء في المنزل وأخذ قسط من الراحة إلا أنه ذكر بالأساسيات لوقف إنتشار هذا الفيروس، على غرار دعوته لجميع الأشخاص العائدين من أوروبا في الأسبوعين الماضيين، الى البقاء في المنزل، أما كبار  الذين يعانون من مشاكل في التنفس، والقلب والامراض المزمنة، فطالبهم شيبان للبقاء في بيوتهم، ونفس النصيحة قدمها لأولئك الذين يشكون في أعراض الأنفلونزا حتى العادية.

أما بالنسبة للشباب اللذين يتمتعون بصحة جيدة، وتصميمهم على الخروج للمشاركة في الحرك السلمي، قال شريط، “أعطوا العالم درسًا مرة أخرى، وتحملوا المسؤولية، نظموا أنفسكم بطريقة لتجنب انتشار الفيروس، كما دعا الى المحافظة على السلمية وعدم الاحتكاك من الشرطة.

لا تلبسوا الحراك قميص عثمان 

 المحامي عبد الغاني بادي، بدوره كتب منشورا طويلا على صفحته على الفاسبوك، حول الانقسام الواضح في الحراكيين من أجل التعليق المؤقت للحراك بسبب فيروس كورونا من عدمه.

وعلق بادي قائلا “يعتقد البعض أو يروجون عمدا الى التخلي عن الحراك تنازلا وتعقلا بسبب وباء كورونا، قد أتفق معك فعلا اذا دعوت النظام في نفس الوقت الى التعقل والاستجابة لمطالب الحراك وتحرير المعتقلين وفتح الاعلام وتوفير المناخ السياسي لتحقيق الشرعية الشعبية، قد أتفق معك اذا أمنت يوما بأن الحراك هو وسيلة الضغط المتوفرة دون غيرها لتحقيق التغيير المرتجى وأن التخلي عنه قد يعيدنا الى المربع البوتفليقي أو أسوء منه “.

وأضاف المحامي الذي رافع من أجل اطلاق العشرات من المعتقلين السياسيين منذ بداية الحراك السلمي ” قد أتفق معك وفي نواياك اذا أمنت يوما بهذا الحراك المبارك فعلا وعن قناعة، وأمنت أن الشرفاء الذين يخرجون “ماراهمش فارغين شغل” أو محتاجين تعب وشقاء أو خارجين للنزهة ، الجمعة كان الكثير يعمل فيها ، رياضة ، زيارة أقارب ..قيلولة ..راحة ….يعني الناس لا تخرج للحراك متعة وفسحة ..الناس تخرج من أجل الأجيال القادم ، ودعا بادي المؤيدين الى تعليق الحراك الشعبي، الى تحكيم عقولهم وان لا يلبسوا الحراك قميص عثمان !.

ورغم إختلاف وجهات النظر، بين المؤيدين لتعليق الحراك مؤقتا وبين الداعين لاستمراره، بسبب الوباء القاتل، يبقى الشيء الذي اتفق عليه الجميع، هو أن كورونا فيروس فتاك يهدد دولا بأكملها ويستوجب تظافر الجهود لمواجهته في هذه المرحلة الصحية، الاصعب في تاريخ الجزائر!

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثمانية عشر − تسعة =

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق