عزالدين ميهوبي: وداعًا صديقي جابر عصفور!

كتب وزير الثقافة السابق، عزالدين ميهوبي، تدوينة على صفحته على الفايسبوك، يعزي في وفاة وزير الثقافة المصري السابق، جابر عصفور، وهذا نص التدوينة :

“أحيانا تتساءل من أين يحصل هذا الرجل على الوقت ليكتب. فهو يكتب دون توقف، وكأنه لا ينام إلا قليلا. التقيته منتصف النهار في فندق هيلتون الجزائر في 2007، في زيارة قصيرة ، وكان يسألني دون توقف، عن الجزائر، سياسة وثقافة وإعلاما. كان أشبه بمن جاء ليعرف، وجاء ليكتب.

أعطيته نسخة من روايتي الأولى “التوابيت” التي صدرت في العام 2003، وغادرتُ الفندق لألتقيه في آخر المساء. وفي البهو، راح يكلمني عن الرّواية، وبعض تفاصيلها، فاستغربتُ الأمر. الرجل يأخذ كتابا من قرابة 300 صفحة ويأتيني بعد ساعات قليلة ليسألني عنه. قلت له “أنت تسألني عن كتابٍ لم تطلع عليه قبل ساعات..” فابتسم وقال لي “لا تنس أنني جابر عصفور..”. ولم أعلّق، لأنني فهمت ساعتها أنّ هناك من يملك حاسة سابعة هي “النسخ الذهني”، أي أنه يقوم بتصوير ضوئي بصري لمحتوى الكتاب، كما كان يفعل القدامى من الرواة والحفّاظين، وحين تسأله تجده على دراية بكلّ شيء.

بعد أيامٍ قليلة قرأت مقالا في صحيفة الحياة اللندنية لجابر عصفور، يقول فيه “أعترف أن التوابيت أرهقتني..” واعتذرَ كأيّ مثقف كبير، لأنّ الكتاب والأدباء والصحفيين الجزائريين دفعوا فاتورة باهظة، ولم ينتبه إليهم أحد..

وتعمّقت علاقتي بالمثقف التنويري الكبير والمتواضع جابر عصفور عندما كان أمينًا عاما للمجلس الأعلى للثقافة ثم وزيرا للثقافة، وتشرفت بتقديمه لجمهور معرض الكتاب الدولي بالجزائر 2011، حين دُعيَ لإلقاء محاضرة واستعراض تجربة، بعد استقالته من الوزارة، وفي خضم الغليان الذي كانت تشهده مصر آنذاك، وعقب دخوله في مساجلات مع الأزهر.. وكانت لي معه لقاءات كثيرة في مصر، فضلا عن أنه كان من بين الشخصيات البارزة التي كرمتها على هامش معرض القاهرة الدولي للكتاب 2018، حيث كانت الجزائر ضيف شرف..

رحم الله جابر عثرات الأدب وعصفور الثقافة النادر، إن في رحيله خسارة كبيرة لمثقف شغل الحياة الأدبية بعديد المؤلفات الحاملة لهمّ وأسئلة الثقافة العربية ومتغيرات العالم، والدافعة بالفكر نحو ضرورة اختراق أسوار المستقبل دون خوف”.

وتوفي جابر عصفور وزير الثقافة المصري، اليوم عن عمر يناهز 77 سنة .

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

20 − سبعة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق