مقال رأي: الإعلام العربي و إستعادة”الجماهير الهاربة”!

كثيرا ما إرتبطت رغبات الجمهور في المجتمعات العربية والغربية، بما تصنعه مضامين وسائل الإعلام المقروءة أو المسموعة أو المرئية وحتى الإكترونية، لذلك تكون كمية “الإستخدام” و” الإرتباط الوظيفي” بين الطرفين، رهينة لما تقدمه هذه “الوسائل الجماهيرية” من محتوى إعلامي لايزال يهدف إلى إفتكاك نسب متابعات عالية، لضمان تدفق دائم للإعلانات الضرورية لإستمرار هذه الكيانات الإعلامية، لكن هل هذا هو الدور الذي ينتظره جيل الشباب من وسائل الإعلام في الوطن العربي ؟

للإعلام أدواره الوظيفية الحاسمة والمتعددة، والتي تجلت عبر مختلف الحقب الزمنية المتعاقبة في المجتمعات العربية، زادت من حدتها اليوم التكنولوجيات الجديدة التي أنتجت “بيئة إفتراضية طاغية” على الجميع، وجد فيها الشباب متنفسا للتعبير عن توجهاتهم وأفكارهم خارج رقابة “حرّاس البوابات” الذين يتحكمون في مختلف المضامين المقدمة للجمهور عبر وسائل الإعلام.

فالهجرة التي نلاحظها اليوم، نحو شبكات التواصل الإجتماعي (الفايسبوك، اليوتيوب، التويتر، نتلفيكس،…)، وإبتعاد الشباب عن محتوى وسائل الإعلام بمفهومها الكلاسيكي، شكلت نقطة تحول لإعادة النظر في دور هذه الوسائل الإعلامية ، فقد بات واضحا أنه ليس من السهولة بمكان، أن تستعيد هذه الأخيرة جماهيرها “الهاربة” نحو إستخدامات جديدة تحقق لهم إشباعات ورغبات مع خاصية “التفاعل”، والإدلاء بأرائهم دون خوف، متى شاء  ومن أي مكان، و ما تتبعه من إنعكاسات نفسية وإجتماعية، سوى إعادة التفكير في إبتكار مضامين تُعبّر حقيقة عن تطلعات الشباب العربي وتوجهاتهم المستقبلية مع مراعاة الوسائل التقنية الجديدة، إضافة إلى معالجة موضوعية للمواضيع وفقا للمعايير المهنية الصارمة، و بهامش “حرية” أكبر من المعتاد.

فلا يمكن للمواطن العربي الشاب اليوم، أن يعيش مشتتا بين نقيضين، الأول تفرضه هوامش الحرية الواسعة التي توفرها مواقع التواصل الإجتماعي، ونقيض آخر لايزال مرتبط بممارسات ” البرباغوندا الإعلامية” الغارقة في مساعى خدمة أهداف الأنظمة السياسية؛ فتغير هذه النظرة القاصرة لوظيفة الإعلام، كفيل بإستعادة لتلك الثقة المفقودة بين “جيل الشباب” ووسائل الإعلام العربية التي أصبحت في حالة اتساع مطّرد  !

  •  بحبر : أحمد لعلاوي

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عشرين − ثلاثة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق