كـــــــــــارلوس غــــــصن .. قصة الهروب من اليابان الى لبنان !

التحرير/ وكالات

آخر تطورات ملف رجل الاعمال اللبناني، كارلوس غصن، كشفته صحيفة “وول ستريت” التي نشرت تقريرا مفصلا عن هروب غصن، مشيرة إلى أنه تمكن من الفرار داخل حقيبة سوداء كبيرة مخصصة للآلات الموسيقية وتم استحداث ثقوب بقعرها كي يتمكن من التنفس، وقد تم نقله بداية بالقطار من منزله في طوكيو لمسافة 300 ميل إلى أوساكا باليابان.

فقبيل ساعات من المؤتمر الصحفي الذي يعتزم الرئيس التنفيذي السابق لتحالف رينو-نيسان – ميتسوبيشي موتورز، كارلوس غصن، عقده الأربعاء للحديث عن “انقلاب” أطاح به من رئاسة هذا التحالف، بحسب قوله، تتكشف المزيد من التفاصيل عن الطريقة التي اعتمدها غصن في فراره من اليابان إلى بلده الأم لبنان، في خطة يبدو أنها كانت محكمة واستغرق تحضيرها أشهرا وتطلب تنفيذها بالشكل المطلوب ملايين الدولارات.

ونقلت الصحيفة حسب ما نشره موقع قناة الحرة، أن غصن استعان بفريق أمن خاص، مكون من حوالي عشرة إلى خمسة عشر شخصا من جنسيات مختلفة وكان الفريق قد زار اليابان أكثر من 20 مرة حيث زار عشرة مطارات على الأقل.

ثغرة أمنية هائلة في مطار كانساي

وتبين لفريق أن هناك ثغرة أمنية هائلة في مطار كانساي الدولي، وأن صالة الطائرات الخاصة فارغة تقريبا ما لم تكن هناك رحلة قادمة، كما أن الأمتعة ذات الحجم الكبير لا يمكن إدخالها بآلات التفتيش، ولذلك وقع الاختيار على هذا المطار بسبب إمكانية اختراقه بسهولة، وفقا للصحيفة.

وكذلك بحسب المصادر التي نقلت عنها الصحيفة فإن غصن اتخذ القرار النهائي للمضي قدما في الخطة أواخر الشهر الماضي، بعدما لاحظ أن محاكمته قد تستغرق سنوات، ولأن المحكمة رفضت السماح له بلقاء زوجته في العطلات.

مساء الأحد 29 ديسمبر، كانت لحظة الحقيقة في الخطة الجريئة التي كان منظموها قلقين بشأن فشلها، وحتى أن أحد أعضاء الفريق قال أثناء التخطيط إن “هذا مستحيل” ولن يتم تحقيقه.

رحلة غصن من منزله في طوكيو إلى لبنان استغرقت حوالي 23 ساعة، بحسب الصحيفة التي أشارت إلى أنه قبيل الفجر انطلقت من مدرج الطائرات الخاصة في مطار كانساي الدولي، ومعها الصندوق الأسود وبداخله غصن لتهبط في مدرج مطار شبه مهجور في إسطنبول، بمرافقة شخصين من الفريق الأمني.

وبحسب الصحيفة فإن الصندوق الأسود تجاوز نقطة التفتيش دون فحص، لأنه كبير وهو مخصص لنقل الآلات الموسيقية فلا يمكن وضعه في جهاز الأشعة السينية، ولم يتم فحصه يدويا وبعد ذلك تم تحميله في مقصورة طائرة Bombardier Inc. Global Express التي تتسع لحوالي 13 راكبا.

وإلى جانب الصندوق الذي اختبأ به غصن وضع صندوق آخر بنفس الموصفات، مليئا بالفعل بأجهزة الصوت، وأظهرت سجلات الرحلات الجوية أن الطائرة أقلعت في وقت قصير.

وتم تجميع هذه الرواية من مقابلات أجرتها الصحيفة مع أشخاص على اطلاع بالتخطيط والتنفيذ، ومع مصادر على دراية بالتحقيقات الجارية في تركيا ومن المعلومات التي قدمتها السلطات إلى المراسلين في اليابان.

هروب مرتب

ورغم أن غصن قال في أكثر من مناسبة إنه رتب هروبه من اليابان بنفسه، إلا أن المعلومات تشير إلى تجنيده مجموعة من المتعاونين وعلى رأسهم خبراء أمن متخصصين في تحرير الرهائن، حيث بدأوا في وضع الخطط منذ الربيع، بعد وقت قصير من إطلاق سراح غصن بكفالة للمرة الثانية في أبريل. وكان الشركاء قد درسوا كيفية إخراج غصن من اليابان إلى بلد آخر، ومنذ ذلك الوقت، بدأ الأشخاص المقربون من غصن بالاتصال بالجنود السابقين والجواسيس للعثور على أشخاص على استعداد للقيام بهذه المهمة.

بحلول نهاية يوليو، بدأ الفريق الأمني يتوسع وأصبح مؤلفا في النهاية من 10 إلى 15 شخصا من جنسيات مختلفة وتم تقسيم الفريق إلى مسارات عمل مختلفة، كل منهم يعمل بصمت دون تدخل من الآخر، حتى لا يعرف الأفراد مهام الآخرين وحتى تقل فرص الكشف عن تفاصيل العملية.

كارلوس غصن.. الهروب المحير

من بين أعضاء الفريق، وفقا لأشخاص يعملون في التحقيقات اليابانية والتركية، كان مايكل تايلور، 59 عاما، وهو جندي سابق في القوات الخاصة معروف بسجله الحافل في إنقاذ الرهائن بالتعاون مع وزارة الخارجية الأميركية ومكتب التحقيقات الفيدرالي.

استأجرت صحيفة “نيويورك تايمز” شركة تايلور السابقة للمساعدة في إنقاذ المراسل الصحفي ديفيد روهيد من أسر طالبان في أفغانستان في عام 2009. وقد سجن تايلور مؤخرا في أحد سجون الولايات المتحدة بعد أن أقر بأنه مذنب في تهمتين عن تحقيق اتحادي.

أيضاً جزء من الفريق، وفقا لأشخاص على دراية بالتحقيقات جورج أنطوان زايك، وهو مواطن لبناني المولد، عمل مع السيد تايلور في بعض الأحيان على مدار أكثر من عقد، وهو عضو في الجالية المسيحية اللبنانية مثل السيد غصن، أصيب في الحرب اللبنانية عام 1970 وعمل في وقت لاحق في الأمن الخاص مع القوات الأميركية في أفغانستان والعراق، وفقا لأقاربه في لبنان.

 

مؤامرة تهريب غصن عبر تركيا

ولكي يتواصل أعضاء الفريق مع بعضهم ومع غصن، غالبا ما كان يستخدم الرسائل عبر الأفراد وذلك لتخطي القيود التي فرضتها اليابان على هاتف غصن والانترنت.

أصبحت دبي واحدة من المناطق المتقدمة للفريق حيث قام تايلور بزيارة الإمارة ثماني مرات في الأشهر الستة التي سبقت العملية، بينما زارها زيك أربع مرات في الأشهر الثلاثة الأخيرة، وفقا لسجلات دبي التي شاهدتها “وول ستريت جورنال”.

شركة الطيران التي تم استئجار الطائرات منها “MNG” ذكرت أن شخصين مختلفين استأجرا طائرتين في ديسمبر، الأولى لرحلة من دبي إلى أوساكا في اليابان ومن أوساكا إلى إسطنبول، والثانية لرحلة من إسطنبول إلى بيروت.

وذكر بيان الشركة أن “الطائرتين المستأجرتين لم تكونا مرتبطتين على ما يبدو ببعضهما البعض. لم يظهر اسم غصن في الوثائق الرسمية لأي من الرحلات. الطائرتان لم تكونا مملوكتين من MNG بل قامت الشركة بتشغيلهما”.

قالت “MNG” إنها لم تكن مدركة للخطة وقدمت شكوى جنائية ضد موظف قالت إنه متواطئ في مؤامرة تهريب غصن عبر تركيا.

غادر غصن منزله المؤلف من ثلاثة طوابق في طوكيو في حوالي الساعة 2:30 مساء. بالتوقيت المحلي، وفقا للمحققين اليابانيين تم التقاطه في شريط فيديو وحيدا، وهو يرتدي قبعة وقناعا جراحيا شائع الاستخدام في اليابان للحماية من الجراثيم والتلوث. استقل سيارة أجرة لرحلة قصيرة إلى فندق غراند حياة.

وبعد اقترابه من مسرح قدمت عليه عروض فنية مخصصة للاحتفال برأس السنة الجديدة، قابل رجلين أجنبيين، وفقا لرواية المحققين.

ثم ذهب غصن إلى واحدة من أكبر محطات السكك الحديدية في اليابان في أوساكا في ساعات الذروة، وكانت مخاطر هذه الرحلة منخفضة بسبب السماح له بالسفر داخل اليابان.

في أوساكا، كان الظلام أرخى بظلاله وكانت الساعة حوالي الساعة 7:30 مساء. وانتقل بعد ذلك بسيارة أجرة إلى فندق في برج أبيض طويل القامة على بعد 10 دقائق بالسيارة من المطار، وفقا لمعلومات من السلطات اليابانية حيث شوهد السيد غصن وهو يدخل إلى الفندق ولكنه لم يتركه، ما دفع المحققين إلى الاستنتاج بأنه اختبأ في داخل الفندق.

بحلول الساعة 11:10 مساء، كان غصن وتايلور وزايك في الجو متجهين شمالا نحو المياه الدولية، وفقا لسجلات الطيران والأشخاص المطلعين على الأمر.

عندما حلقت الطائرة شمالا، مرت فوق روسيا، خرج غصن من الصندوق، لكنه بقي في أحد المقاعد في الخلف، حتى لا يراه طاقم الطائرة.

وصلت الطائرة إلى مطار أتاتورك بإسطنبول في الساعة 5:12 صباحا بالتوقيت المحلي، وفقا لسجلات الرحلة. كان أحد أسباب التوقف هو تجنب إثارة الشكوك في اليابان من خلال خطة طيران تربط اليابان ببيروت، وفقا لما ذكره شخص مطلع على الأمر.

في مطار أتاتورك هبطت الطائرة، ورغم أن هذا المطار كان الأكثر ازدحاما في تركيا إلا أنه تحول الى مدينة أشباح بعد افتتاح المطار الجديد، وقبل شروق الشمس، غادر غصن من الطائرة تاركا وراءه المعدات الموسيقية التي جلس بجانبها، وانتقل إلى طائرة أخرى على بعد حوالي 100 ياردة.

على عكس الرحلة إلى تركيا، لم يتم تقديم أي خطة طيران للطائرة الصغيرة، وكان غصن جالسا في مقعد ركاب، وفقا لما ذكره شخص مطلع على التحقيق التركي. لم يرافقه تايلور وزايك في هذه المرحلة النهائية.

كشرط للإفراج عنه بكفالة في اليابان، كان غصن قد ترك جوازات السفر الفرنسية واللبنانية والبرازيلية تحت رعاية محاميه في اليابان. لكن غصن بعد الإفراج عنه من السجن قدم التماسا ناجحا للمحكمة للسماح له بجواز سفر فرنسي ثان، بحجة أنه من المفترض أن يحمل الأجانب جوازات سفر معهم عند السفر داخل اليابان.

استخدم غصن جواز السفر الفرنسي وبطاقة الهوية اللبنانية لدخول البلاد، وفقا لأشخاص مطلعين على الأمر.

في ذلك المساء، بدأت أخبار الهرب تتسرب، أولا في الإعلام اللبناني وكان السيد غصن قد شق طريقه إلى منزل زوجته، وفقا لشخص مطلع على تحركاته. وأصدر فريق العلاقات العامة التابع له في الولايات المتحدة بيانا نيابة عنه قال فيه: “لم أهرب من العدالة، لقد نجوت من الظلم والاضطهاد السياسي”.

في الوقت الحالي، يبدو أن غصن يستقر في الحياة في لبنان، حيث استثمر في مزرعة نبيذ وكان يخطط لقضاء المزيد من الوقت أثناء تقاعده.

واحتفل غصن مع زوجته كارول برأس السنة في لبنان بمنزل أحد الأصدقاء، وتوجها معا لإضاءة شمعة أمام تمثال القديس شربل، الذي ينظر إليه بأنه قادر على تحقيق المعجزات.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثمانية عشر − 10 =

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق